الخميس، 6 أكتوبر 2016

عام جديد...

كنت أعتقد أن مرور يومٍ جديد ،هو أمرٌ يَمُرّ بِهِ الجميع، أي: لا اختلاف عليه. وأن أعيش بِتكرار الأيام،فما يتغيّر سواء التاريخ الذي يظهر على شاشة جهازي -وأنا نائمة-عند منتصف الليل ، وقد أكون مستيقظة فلا يهمني إن جاءت الساعة الثانية عشر أمِ الواحدة، فكِلا الوقتين متشابهين.  إنني لا أدرك كيف يصبح اليوم، يوماً جديداً، إلا حين تعلن الشمس بدايةً أخرى للعيش، أي:روحي لاتزالُ حيّة وقلبي لازال محافظاً على وظيفته، كباقي الأعضاء في جسمي. بعدما اتخذّت قراراً للتغيير، بتغيير الكثير من الأمور. فكرت مَلِيّا، فكرت بأبعد مدى ممكن ، بمساحة تَكبِر أرضية الملعب . اتخذت دور اللاعب والمهاجم والمدافع والحكم والجمهور، أي: جعلت نفسي تلعب كل دور، وتعرف الصواب من الخطأ والخطأ من الصواب. لا ريب، من وجود الصعوبة في المحاولة الأولى، فالعملية ليست بتلك السهولة المُبَسّطة. فَعلى كُلٍّ، وقفت من جديد، بمثل ما يقف العداء مُسرعًا بعد سقوطهِ على أرضية الحلبةِ. لا ضيْر إن تأخر وقوفي، ولا ضيْر إن مِلتُ عن طريقي. كما يقول رَبُّ العِباد: " وخلق الإنسان ضعيفا ". فما القوة إلا منه، وما الاستعانة إلا به، وما كان سبب تغييري إلا حُبّا له. 


عاماً جديد..

نضجت بما يكفي للتحدي ، تعلمت ولا زلت و سأتعلم إلى أن يرفع القلم عنّي وعن صوتي. أصبحت الأيام كُلها جَديدة، أي أن: هناك فرصاً لجعلي سعيدة، وفرصاً أخرى لجعلي حزينة. تعلمت أن أرى للعالم من مختلفِ الأبواب، من مختلف الأوضاع والظروف الاجتماعية. عرفتُ الله بصورة كافية لجعلي أبني بداخل قلبي حُبّا لا أخبِرُ بِهِ أحداً، أكتفي بعلمه الذي وسع عِلمي بأضعافٍ مِمَّا خلق بل بأكثر مِما خلق.  


الاثنين، 5 سبتمبر 2016

إن الورود الحقيقية التي لا تذبل هي التي تزرعها أنت بداخل صدرك


صحوت مرّة مُبكراً، لا أعلم لمِا صحوتُ في الرابعة فجراً، ظننتُ أنَّ الساعة تشير إلى السادسةِ أو السابعة مثلاً. ذهبت لأرى كم بقي عن الأذان، وإلى خارج غرفتي أيضاً ،لأرى هلِ السَّماء استعدت لظهور الغلس-أي ظلمة آخر الليل قبل وضوح ضوء النهار-أمْ بعدها لازالت ساكِنة و داكنة؟ ظننت أنني أستطيع معرفة ما إن كانت مستعدة أم لا، ولكن على الأقل رأيت جمالاً على وجهها بدأ بالنهوض والوضوح، ثانية تلو ثانية، دقيقة تلو دقيقة. على كُلٍّ، كنت على موعد مع نفسي في الصباح. بأن انهض باكراً،و أسمح للشمس بأن تشرق على كل عضوٍ من جسدي، وتفتح له شريحة جديدة من الحياة، بمثل ما تفعل الشمس مع زهرة تبّاع الشمس أو مع الأزهار التي تحتاج مساعدة مِن الشَّمس ؛كي تتفتح وتعطي غاز الأوكسِجين للإنسان. إن الأزهار صديقة حميمية للإنسان، ولكن الإنسان يجهل قيمتها في بعض الوقت فيقطفها لكي يسعد نفسه أو غيره، فهو لا يعلم أنه بهذا الفعل يكون قد خان صداقته مع الزهر، . إنه كائن مؤذي أحياناً. وإنها سعادة لحظية بالفعل. قد يكون من اللطف، أن تعتني بِنبتةٍ لزهرة معينة، فتكبر معك ؛فتشعر بمدى جمالها وهي بين أوراقها وأغصانها، فَيعِّز عليك قطفها. لا أدري إن كان بالفعل هذا الفعل يسمى لطيفاً. فبنسبة لي، أفضّلُ رؤية جمال الورود وهي مُتعلقة بتُربتِها، بدلاً مِن أن تذبل بين أصابعي.أحزن شديداً حين أرى أن الورود أصبحت ربحاً وتجارة.  بعض الجماليات، من الجميل أن تكون مَصدرا للاستماع لا للاستخدام. 
إن الورود الحقيقية التي لا تذبل هي:التي تزرعها أنت بداخل صدرك، فتعطي منها نفسك ولمن تُحب، ،تشارك بها لِمن يرتاح قلبك له. إنها المشاعر التي تنمو كلما أشرقت عليها الشمس، وكلما أعطيت الحُب للرب، وكلما تنفست فذكرت: الحمد لله، وكلما قبّلت رأس والديك أو إحداهما كل صباح، وكلما شكوت ربك فأعطاك، وكلما ضاق صدرك تفتحت هذه الزهور وتعاطفت معاك، وكلما علمتَ أن الجبال بعظمتها، تتحرك بِمرِّ السَّحاب، وكلما فقدت إحدى أوراقها كوفاة إحدى أفراد عائلتك أو من معارفك، يتضاخم حجمها وتتكاثر في كل جسمك، وتحاول أن تواسيك بِخفة أوراقها. 



الجمعة، 26 أغسطس 2016

استيقظت من الحلم


في تلك اللحظة التي استيقظت من الحلم الذي لا أعلم كم دام وأنا في سبات عميق، كالذي لا يتذكر ما حدث بالأمس، أو كشخص أصابه فقدان في الذاكرة، فلم يعد يذكر اسمه. عندما استيقظت وأدركت أنني أصبحت حقيقة، وأنني أستطيع أن أمشي وأتحرك، ككائن حيّ. عندما علمت، أنني أستطيع لمس أصابعي، وأتأكد من ملامح وجهي، أنها لم تتغيّر، وأرى لطول شعري أنه لازال كما هو، وإلى الوسادة التي أتوسدها يومياً لم يظهر على وجهها آثار هبوب رياح، وإلى أرضية الغرفة ذات اللون البُنّي الغامق -كلون جذع الشجر بعد هطول المطر- أنه لم يزل باقي ولم يتكسّر . تأكدت من موضع كتبي على المكتبة، ومن وجود ملابسي على خزانتي، ومن وجود جميع علامات الصباح كإشراقة الشمس، ظلال الشجر، زقزقة العصافير. تأكدت من اسمي على بطاقتي الشخصية، وإلى تاريخ انتهاء صلاحية البطاقة. لم يكن اسمي ساڤانا كما في الحلم. حاولت أن استيقظ من تأثير الحلم،  ولكن ظلّت تلك الصورة التي من النادر حدوثها مع البشر. لم أفهم ما يحدث لي في ذلك الحين، ولما كل هذه الأحاسيس تُتابعني، ظننت أنني في غابة لا يعرفها أحداً غيري، وأن جميع المناظر التي كانت من نافذة غرفتي لم تعد كما هي، بل تغيّرت ،وأن السرير الذي نمت عليه لم يكن مريح كالقطن. شعرت كأنني تائهة في أحد المدن المزدحمة،  فليس بإمكاني الطلب الماريين سؤالاً. أسأله عن التغيير الذي حدث لي، لعله يدلني على من يعرف كيف جئت إلى هنا. من الغريب، أن تسأل شخصاً غريباً عن نفسك، أو أن يعرّف لك هويتك. 

الخميس، 18 أغسطس 2016

رسالة من أمي..



ابنتي رحمة ،


أتعلمين، حين يسقط المطر على خديّك، وتتبلل ملابسك، ويرقص قلبك، كأن بداخله مسرح فنّي، وتتفتّح عيناك للحياة، وتتنوّر بشرتك، كأن الشمس غيّرت مكانها واتخذت وجهك مكاناً للشروق والغروب، وحين تزدادين جمالاً فوق ما أنتِ عليه. إنك تشبهين الغيمة حين تحتضنيني، وتقبلّين قدمي ورأسي ويداي. إنك تشبهين النحلة حين تقبلّ الزهرة. 



أتعلمين يا صغيرتي، بعدد القطرات التي سقطت على جسدكِ، كنت أخاف من أن تُسبب لك الزكام، أو الحُمى. كنت أخاف من أن تجعلك مُتعبة، وغير قادرة  على الحركة بالشكل الطبيعي.



أتعلمين يا عمر أيامي، أنا لا أتحمل إن لم تتناولي وجباتك الرئيسية يومياً. أخاف أن تتعبي ولا تستطيعي من إكمال باقي يومك. أكون مُتعبة من الداخل، وأحزن. 



أتعلمين يا زهرتِي، حين تمرضين، لا أستطيع النوم، أسهر معك، كأني أنا الألم الذي تعانين منه. وأتمنى وقتها، أن الألم الذي فيك يتحول إلى جسدي، فاستحب أن أصبر على أنك تصبرين على ألم لا يستطيع جسدك على تحمله، فتبكي عيناك منه. فلا أريد أن تحط عليك ذبابة، ولا أن تؤذيك أياً من الكائنات. 



ابنتي، أنا لا أزال أشعر بأنك داخل بطني، تكبرين هناك، وتعيشين في أمان داخلي، فلا يستطيع أحداً أن يسبب لك الأذى لقلبك، أو حتى يتركك،كأنك نقطة على آخر السطر.



ابنتي، العالم مليٌء بالمفاجآت. قد لا يطيب لك بعضاً منها، وقد يطيب لكي النصف الآخر. وقد تفاجئك الحياة بما لم تتصوريه، كوفاة أخيك-رحمه الله-مثلاً.



ابنتي، دعائي لكِ  ولأبيك ولإخوتك، أقدمه قبل دعائي لنفسي، أُقدمكم قبلي، لأنكم أغلى وأثمن هدية على الإطلاق. أنتم أفضل ما حدث لي في عُمري. 


رعاك الله يا من كنتِ بداخل أحشائي ولا زلتِ.

الخميس، 4 أغسطس 2016

لقاءات مقترحة




قابلني في المكان الذي يقودنا لمعرفة التعايش بين الناس، وأساليبهم في العيش ، وفي الطرق والأسواق القديمة. .قابلني في المكان الذي يقودنا للطبيعة، للتأمل، لمعرفة الله من خلال ما صنع.  
قابلني في المكان الذي يقودك عقلك به. قابلني عند أعلى صخرة قريبة من البحر، كي نتنفس هواء البحر، كما لو أنه الحُب الذي بيننا. 
قابلني عندما أقرأ كتاب، في ذاك المقهى الذي يصنع أفضل قهوة مُرّة، أو قريبة من المرارة. 
قابلني عند شجرة ممتدة الجذور، كبيرة وقديمة، فجذورها تشبه الرابطة التي بيني وبينك، فهي متأصلة من تحت الأرض. 
قابلني حين يتصل قلبك بقلبي، فتراني في السماء عالياً، مثل السحب تماماً، أو ربما أنا السحب. قابلني عند الغابة، بجانب النهر والشجر،أو عند إعدادك للشاي بالقرب من الغابة.
 قابلني عند الشلال العالي، وعند أحاول التقاط صورة مُرضية لي. قابلني في المكان الذي يحبه قلبك، وقلبي معاً، عند البحر قبل الشروق وبعده، أو عند الغروب من الجهة الأخرى. 

قابلني عندما أكتب، وأنا استمع لموشحات قديمة، فتأتي إليَّ كأول مرّة تراني فيها.

 قابلني وسط الزحام، واجعل من البعيد قريب، كأمنيتي بأن أمسك السحب وأشعر بأنها حلوى وأتناولها. 

قابلني حين يرشدك قلبك بأنك مستعد للقاء،ولحفاوة الرؤية الأولى ،بمثل ما ينتظر الطفل نزول المطر -بظِل وجود الغيم- فيظل يدعو حتى ينزل، وقد يبكي من الفرح. قابلني حين يدركُكَ الحِس بأنك محتاج لمقابلتي، وأن كِلانا نحتاج لذلك... أو مُرَّني في الحلم.



السبت، 30 يوليو 2016

متى ما قررت أن تقرأ:اقرأ



‏متى ما قررت أن تقرأ، اسمع لما يقوله عقلك، فإنه سيقودك إلى ما تُرِيد، سيُخبرك ما عليك فعله وما لا عليك فعله،فلا بأس إن أنصت إلى ما يُحدِّثُك به قلبك،ولابأس إن استغرقت معظم وقتك وأنت تقرأ؛فإنه أفضل من فعل لاشيء.



‏- اقرأ وكأنك بداخل خريطة: سافر،تعلم،تخيّل،شاهد، عبّر، صوّر، وتأمل.


‏- اقرأ وكأنه يومك الأخير، ساعتك الأخيرة، وآخر مرّة للتنفس فتودّع الأرض.


‏- اقرأ، وكأنك تخاطب الطبيعة ،فتعرف ما حقوقك وواجباتك.


‏- اقرأ، فالله أعلم، علّم الإنسان ما لم يكن يعلم. 


‏- اقرأ، لتكن أقرب للنجوم، وللسماء، وللأرض التي ترعاك.


‏- اقرأ، قبل نهاية اليوم، و رخِّي خلايا دماغك. 


‏- اقرأ، لتقرأ نفسك، لتقرأ الآيات التي في الكون.


‏- اقرأ، لكي تعيش وتحيا، وتزيد من عمر عقلك لآلاف الأعمار.


‏- اقرأ، فإنك تبني خلايا من العِلْم والمعرفة حين تمسك الكتاب 


‏- اقرأ، فإنك لن تُظْلَم، ولن تظلِم أحدا


‏- اقرأ، فإن الله قد زرع الْهُدى في التعلم ؛فيهدي قلبك ويسحب الجهل منّك كما لو أنه ألم.


‏- اقرأ، فإنك ستبلغ قمم الجبال، كأنك مُغامر شغوف


‏-اقرأ فإنك لا تؤذي أحداً حين تمسك كتاب، إنك تصدُّ أذُنيْك عمّا يحدث حولك.كأنك ترتدي سماعة الأذن، وتستمع لمعزوفة موسيقية رائعة،تنقلت إلى ما تشاء أن تُرِيد وتبعدك إلى ما تشاء أن تبتعد. 


‏- اقرأ، فالعالم ليس بحاجة للصراخ، ولا للنظر إلى الثقوب والثغرات.إنه بحاجة للفكر.فلن يبنيك الجهل بمثل ما تفعل القراءة  ؛فإنها تُحيك عقلك وقلبك معاً، بمثل ما ترتدي الثوب ذو الأكمام. 


‏- اقرأ، وكأنك خُلقت للتَّو، وكأنها حياتك الأولى، ويومك الأول.



‏فمتى ما قررت أن تقرأ: "اقرأ وربّك الأكرم الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم"

‏وسأل نفسك الآن،هل أَحببت القراءة؟ سأجاوبك:
‏ 
‏أحببت القراءة، بمثل ما أحببت الحياة بوجود الحُب. إنك حين تقرأ، ترتفع للأعلى، كما لو أن عقلك بناية،وأطول بناية في العالم أو ربما أكثر من ذلك. ستشاهد الحياة بذلك المنظور الهائل، والعظيم.ستنتج فِيلماً رائعاً، وستتصور أحداثاً،وشخصيات وانتقالات في الأحداث فقط، من خلال القراءة. ستنتج عالمك الخاص، وستصل لمعنى الفنون، لأن القراءة تفتح لك مدارك لا تنتهي بمثل ما يزيد مستوى ماء البحر بسبب المد. اعلم جيّداً، حين تقرأ هذا يعني أن تشرق شمس عقلك يومياً وحتى في المساء، فإن نورها لا يختفي ولا ينضب. 

الأحد، 3 يوليو 2016

خِطاب





هاتِ يداك، لنمرح على الشاطئ، وأرى الغروب يظهر من عينيك ويغزل النور.

لكي أقول لكِ: أنتِ الشمس الصافية كأنكِ ليلة خالية من الغيوم.


اسمعي فهذا الخطاب كله لكِ: 


يا سيّدة الطبيعة،


إن النور الذي عرفته من الله، يتباهى في كل مكان، في كل مكان في وجهك.


إن العطاء الذي عرفته من الرسول عليه السلام، ألاحظه في يداك، وفي مسعاك .


قولٌ كريم: فحديثك لا يجر كل شيء معه، فهو لا يحدِّثَ بما لا ينفع. 


زهور وبساتين: صدرك ليس إلا ورود، وقلبك ليس إلا بساتين.فهو لطيفٌ ولا يؤذي.


السَّلام: من أعلى رأسك حتى أسفل قدميك.



لا أريد أن أنهي الخطاب.. أريد أن أقول لكِ أحبِّك. 

الأربعاء، 22 يونيو 2016

ولم أعرف الله بعد...






بابا، إن رمضان بدأ بالرحيل قليلاً..قليلاً . ولم أعرف الله بعد.


بابا، أنا حزينة جداً فإن أيام هذا الشهر، أيام قَيِّمة مُبارَكة. ولم أعرف الله بعد


بابا، أشعر بِصخرة كبيرة تُغلق صمامات قلبي وتمنع المعرفة من الوصول، فلم أعرف الله بعد.


بابا، أصبحت جِذعاً باهت اللون، خشن الملمس، ميِّتٌ من الداخل.ولم أعرف الله بعد.


بابا، دَمِي لا يجري كما يجري النهر، لا يتأثر إن اصتدم بِصخرة.


بابا، علِّمني كيف أكون حُرَّة في الأرض، وكيف أمضي بإيمان، وكيف بإمكاني أن أعرف بأن الله يعرفني،كما خلقني.


بابا، لا أريد أن أكون كحروف جامدة لا تقبل التصريف.


... 
هذه كانت رسائلي لأبي حين لمحتُه وهو يستعد لِلخلوة مع الله والناسُ نِيام. تركت الرسائل بداخل مصحفه، حتى يقرأ ما أشعر به، ويغرس فيني جزءاً من المعرفة: معرفة الله.

ظَلَلتُ انتظر حتى رُفِعَ صوت الأذان وأنا كالمغشي تحت الفِراش. انتظر مَجيئهُ إليَّ. 

لم يأتي إليَّ مباشرة،طلب من أمي النهوض والمجيء لغرفتي حتى تساعدني في فكِّ عقدة الرسائل. الأمر كان أشبه باختيار الطريق، أيَّهُما الأفضل. كان الأمر في غاية العُسر، كدتُ أفقد قيمتي إن لم أجد الحل.

لم تتلفظ أمي بِشيء سِواء:بِوضع قُبلة على رأسي،ومد يداها لاحتضاني. كان حضنها مشابهِاً لحضن أم لولدها المغترب.


عند دخول وقت الصلاة، استجمعتُ قوتي للصلاة، كالطفل الذي يُجمِّع ألعابه المتناثرة.


أغمضتُ عيناي،كما لو أن الخيال الذي يركُن بداخلي تحوّل لِحقيقة مُشاهدة.فأجِد نفسي عندها،وأن السَّماء زرعت أشجار الجنة على رأسِها،والأرض مَحت العدو الذي يُريد قتلي.


أردتُ أن أغوص وأنا أصلي، كما لو أنني اكتشف عمق البحر. أردتُ أن أحيا من جديد كُلما رفعت رأسي من على الأرض.

فَبين ركوعٍ وسجود وقيام، سمعت صوت أبي حين يقول: حافظوا على والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين.

أدركت معنى هذه الآية حين يُكرِرُها أبي في كل يوم وهو يمر بين الغرف لنسمعها ؛فنذهب للصلاة. 
….
لكن هنالك عدة نقاط لا أستطيع صَدَّهنَّ عني. نقاط خَفِية.
لا أعلم إن كان السبب في عدم معرفتي الكافية لله، أم ماذا؟..

….

السبت، 11 يونيو 2016

التنبؤ



تسبقني توقعاتي دائماً في بداية كل وِجهة، حتى بدأت بالتنبؤ عمّا سيحدث كأن كل الوجهات تحولت لتجارب علمية. أتنبأ بظهور وجهك في كل مكان، في الممر وعلى الجوانب وعلى سطح الأرض، لعلي أجد وجهك ينتظرني، يلوّح لي بالسلام، ويترقب حضوري كما لو أنك رزقت بطفلك الأول.

الساعة الحادية عشر صباحاً .

في قاعة الانتظار، كنت انتظر اللاشيء كالذي ألقِي فِي غيابة الجُب وحيداً...لا أريد أن أترصد تحركاتك كصياد نشيط يرمي الشبكة وينتظر لساعات حتى تشتد الشبكة،فلا ينتهي حتى نهاية يومه ويُكمل في اليوم التالي. انتظرك كثيراً، حتى انتهيت من القراءة، حتى تقبَّلت عدم مجيئك بعذر: كالعادة.

قاطعت  أمي ما يدور في رأسي من انتظار وأفكار شتَّى ،وقالت: اذهبي لرؤية والدك، هل جاء دوره للعلاج؟ 

ذهبت كما لو أنَّ والدي يقع على بعد أميال بعيدة عنّي، وتفصلنا سكك وممرات. 
وصلت عنده. ولكن .. بِتعب من زحمة الأفكار والتنبؤات.
وسألته -مقاطعة لما يضج في رأسي: متى دورك يا بابا؟ ألم يَحن وقت مقابلتك للطبيب؟ 
أجابني بكل صبر: سيأتي قريباً لم يتبقَ إلا القليل. مسح على يدي مثلما يمسح المطر على القلوب؛ فتنتعش وتزهِر كما خُلقت.


...

قبل نهاية اليوم.
تمنيت لو أنني أستطيع هدم كل التنبؤات، ولا ألقِ الاهتمام ، لو أنني أتمكن من الكتابة أكثر من ذي قبل لكي لا أجد وقتاً للتفكير بما لا يهم. 

السبت، 4 يونيو 2016

أريد أن أكون..

أريد أن أكون جُزءاً من هذا النور،أريده أن يكون كالسَماء في موقعها.

أريد أن أمشي بوضوح لا من خلف النوافذ أو الأبواب. أريد أن أكون حيّة بالسلام لا بالمضرَّة. أريد أن أكون أنا مثلما أنا. 


أريد أن أكتب الشعر يومياً، حين أُحيِّ الصباح وأمضِ كالشخص الذي بُشِّر بالبهجة العامرة.

أريد أن أكتبُ لأجل القلوب الحزينة لكي يظهر على وجوههم معنى أن يكون الإنسان "نِعمة مُكرّمة". بمثل ما قال الكريم:" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ 
والسؤال: 

ألا يكفينا تشريف الله لنا على غيرنا من الكائنات؟
ألا يجب علينا أن نعلم بأن الله ورحمته أكبر من اتساع السمٰوات السبع والأرض؟

فلعلني أكتب ما يشهد عليّ بالخير وبالسلام .... 

السبت، 14 مايو 2016

اسمك ليس كباقي الأسماء



اسمك يا بابا ليس كباقي الأسماء يسهُل عليَّ نطقه ولكِن مَعناهُ يَتعَالى كَالصَّلوات.. 

أنَا التِي أستَّمد مِنْك حُبّا وإيِمانا..

حُبَّا: فُحُبِّك أعظمُ. حين تنظر إليَّ بنظرة إعجاب فهي لا تساوي نظرة حبيب، كمثل نظرة طفل لِزهرة ربيعية. 

بابا ، ليتني أستطيع أن أمدك بالقوة والصحة لكي تدوم ويتعاظم أجرك أكثر ويزداد قربك للربِّ أكثر وتقصر المسافة بينك وبينه كمثل الظِفر بالإصبع. 

إيماناً: حين تعْطني الثقة التي أستطيع أن أصنع بها يومي وأعلم أنك تدعو لي في الخفاء بمثل ما تفعل أمِّي. 

أمِّي : يا صاحبة الظِل: ظِلُّ الشجرة . أتستطيع الحروف التعبير عنّك؟ أم لي بالقدرة على الكتابة و التعريف لمعنى الأم ؟ .. أراقب محافظتك لي، أراقب إطالتك في الدعاء،ثم تنظري إلي وتمسحي بِيديّكِ على خدّي، أي حُبٍّ هذا؟ وأي امرأةٍ أنتِ؟ يا لهذا الملاك العظيم الذي بداخل عيناك والورود التي تنمو على صدرك ؛فيزهر وجهك بالصفاء. 

يا رَبِّ:  أيستطيع الإنسان أن يكون سعيداً في الدُنيا  والآخرة؟ أيستطيع أن يشعر بالحب أكثر وأكثر ؟ وبالسلام لمدةٍ أطول؟



الخميس، 5 مايو 2016

يا محمد، يَنام السلام فينا



جعلك الله مُباركاً أينما كُنت


 جعلك صاحب دعوة مستجابة،حين دعوت فقبِل الاستجابة ؛فتغيّرت قِبلة المسلمين من المسجد الأقصى إلى الحرم المكِّي


جعلك سِراجا منيرا:تنير قلب الفقير،والمحتاج، وجميع التائهين.

.......

يا مُحَّمد، ينام السلام فينا لأنك آية مريحة وخطواتك لإحياء الدين قوية.نحن نعيش بِحُب لأنك لا ترضى بِسوء قد يلامسنا،أو يقترب مِننا.


.......

يا مُحمَّد، نراك في السماء، وفي تقلُّبِها، وعلى الْجِبَال حين كنت تمشي مُحاذِياً لها أنت وأصحابك دفاعاً عن الدين.


نورك يا مُحمَّد سلام،وقلبك ورد لا يُرَ إلا في الجنَّة، لأن تربتها تنبت في السمَّاء لا في الأرض . 

الأربعاء، 20 أبريل 2016

لَعلَني سلكتُ نفس الطريق

لَعلنِي سَلكتُ نفس الطريق:طريقٌ مستقيم
و نفس النور الذي بين يديه، مِثلَ الذي يوقد من شجرة الزيتون المُباركة 
و نفس الرزق الذي وضعه في السماء وَ وعد بِه الخلق.

فالنورٌ منّك؛ مدَّنِي منه ولو بالقليل. و أطلبُ منّك السلام في: ساعات اليوم، وبين الأيام ،وحين أقرأُ القرآن.

وَ حين ..
أصبح هشَّة-كفِتات قطعة البسكويت-اربط على قلبي بقربك منّي أكثر، وحبّاً يُنِير نفس الطريق الذي سلكته. فوعدك لا ينقطع ليس كالحبل، إن شددت عليه قلّ تماسكه وانقطعَ.

 وَ حين..
تعصرني الأيام كعُصارة الليمون،ذكِّرْني بأنكَ أقرب إليَّ من حبل الوريد،وامسح على فؤادي بخِفة و ازرع فيني القوة و افتح لي فتحاً مبينا.


يا من خلقت مافي الأرض لأجل أهل الأرض،اشهد على :عنايتي بها،و زَرع الثمار على وجهِها ،وحرثها بِالخير لا بِالشر.

فَأَنتَ السلام،ومنك السلام.  

الاثنين، 28 مارس 2016

حِكاية الصيْف.

حكاية الصيْف:

قرأت ميادة في إحدى الصُحف عن مقال كانت بدايته: " هُناك سرِّا في السماء لم يُكتشف بعد ".

فبعد انتهاءها، حلمت أن تكون عالمة وتكرّس أوقاتها لمعرفة اللوحات التي تتشكل في السماء. فقررت أن تصوِّر السماء في كُلِّ حين.

بعد خمسة عشر يَوْمًا، جمعت جميع الصور التي التقطتْها في الفترة الماضية. لاحظت أن هناك سِرَّا لم يظهر بعد ولم يتضِّح .

ولكن عرفت أن الله لطيفٌ جدًا وكريم لدرجة عالية لأنه يحاول أن يرسم الحُب لهذا العالم لكي ينعموا ويصبحوا قادرين على نشر السلام بمقدارٍ بسيط ومقدور.

وعرفت أن الله لا يرفض أي دعوة تُرفع للسماء لذلك هو يبدِّل شكل اللوحة السماوية . وليعلموا أن الأمنيات قد تأتي بشكل مختلف ولكنها فالنهاية تصل وبشكل حنون ومريح مثلما تفعل السحب في السماء.

الثلاثاء، 16 فبراير 2016

طريق للجنَّة

تمنيّتُ أن أصلَ الجنّة من دون هلاك ولا تعب

من دون مفتاح لا شَبَك

من دون نون ولا ألف ولا راء

كانت أمنيتي طريق لألف سؤال و إيجاد ألف جواب

بدايتها بِ: كيف هي؟ من ينالها؟ كيف تبدأ مراحل الوصول إليها؟

استمرت الأسئلة وهي تجهد دماغي بتشغيل خلاياه، وتزيد من تنفس رئتاي، ويزداد تدفق الدم ليلامس جلدي، كرياضي انتهى للتو من التمارين وتعلوه شمس الصباح.

أتراني عرفتُ الله أكثر، لكي أعرف جنته أكثر؟
أم أن عقلي بدأ يغزو دماغي بأفكار لا نهائية و غريبة عن ديني؟

رفعت لله رأسي، وتمايلت دموعي كأغصان الشجر في بستانٍ فسيح. ابتهجت بهدايتهِ لي، أمرني بعبادته حتى اليقين، حتى الحُب الشديد غير العنيف.

صليتُ لله فجراً،حتى رزقني البر و الإيمان. صليت لله عصراً، حتى هداني للسلام. ذكرت اسمه بعد كل عمل حتى فتح لي أبواباً مُسَّخَرة

تساءلت مُجدداً، هل الله يُحبنا حين نكون عاديين في عبادتنا له؟ في تغاضينا عن فعل الخير؟ في إحساسنا بالثقل عند ذكره؟ كيف سيحبنا؟ كيف حبه كبير لا يتغيّر؟ بل يزيد؟

وهطل الغيث في  إحدى ليالي  الصيف، تَسَاقُطه على أرض الرب كان شبيهاً بوصفه في القرآن: ﴿ جنات تجري من تحتها الأنهار﴾
كان مرحُ الأطفال غير عاديٍ، مختلفًا. لم يسبق أن رأيتهم بتلك الهيئة.
أتراها رؤيا من الله من بعد الهداية واليقين؟ أم أنه منظر تصويري عن كيف هو الحال في الجنّة؟ أي: بداية بلا نهاية.

الثلاثاء، 12 يناير 2016

الَّيْل..



حِين طلَّ الَّيْل في أول مرة. أول مشاهَدة. أوَل رُؤيةٍ لي لَه

حين أتى لِيسرق الصَبر مِنّي وَ عفى قَلبي مِن الأشوَاقِ

حين مَسح اسم مَدِينتي مِن على صدري كأن آلة الرحى تستعمَل لإنتاج عواصف رعديةٍ لا لِجَرْش الحبوب وطحنها

حين سلب منّي نفسي و تفكيري بها و جردها من الحُب و شرّدَ روحي كمثل شخصٍ لا يعرف من يكون و أي موطِنَهُ




وقفتُ مثلَ سكونٍ يعلو حرف الواو في كلمة: خوْف

تأملت قليلاً و سبَح فِكري في الأفقَ الأعلى سبح في السماء و بداخل العالم المشاهد- عالم الشهادة 
أدركتُ أن المساء ضَيِقٌ وأنا أكبر منهُ عُمرا

أدركتُ أني في الظلامِ أبدو قَلِقَةً كَطِفلٍ في أول يوم دراسيٍ له في الروضَةِ، فلا أمَ بجانبهِ ولا أخاً يقول لهُ: تعال لِنمرحَ قليلاً

وَصلتُ لِيَقينٍ تام لا اعتراضَ له ولا يثير شكَ العالمين لَه .


يقول ربَّنا الرحيم: ﴿ وَجعلنا الَّيْل والنهار آيَتيْنِ  ﴾ خَجَلتُ من تأفُفِي حين عَرِفتُ مَعناها ، فَأتاني عِلماً من السماءُ مُنزلاً من الله لي بِأن أركع وأسجِد لَه ليل نهار .الله أعلم حِين وصفهُ بِالسُبات. 


قال لي: " لاتحزني. فالَّيْل ليس بِبائس وحزينُ، إنَّ الَّيْل  جاء ليجعلكِ تفكّرِي بِذاتِكِ أكثرَ و لِيجعلكِ تَبْدِين أكثر إتزاناً و أكثر طلاقة بالتأمل في زينة النجوم و التَنوّع في: أحجامها ودرجةِ لَمَعانِها."


توقفتُ عن الحديث حين أتاني اليقين السماوي و انسَكَبَ نورهُ على صدري. أزاح معهُ شرود الفكر و العتابُ الَّيلي العقيم. 

تبدلتُ أنا من كوني بائسة في الظلام إلى قَمراً يضيء صبحاً ومساء.