الأربعاء، 22 يونيو 2016

ولم أعرف الله بعد...






بابا، إن رمضان بدأ بالرحيل قليلاً..قليلاً . ولم أعرف الله بعد.


بابا، أنا حزينة جداً فإن أيام هذا الشهر، أيام قَيِّمة مُبارَكة. ولم أعرف الله بعد


بابا، أشعر بِصخرة كبيرة تُغلق صمامات قلبي وتمنع المعرفة من الوصول، فلم أعرف الله بعد.


بابا، أصبحت جِذعاً باهت اللون، خشن الملمس، ميِّتٌ من الداخل.ولم أعرف الله بعد.


بابا، دَمِي لا يجري كما يجري النهر، لا يتأثر إن اصتدم بِصخرة.


بابا، علِّمني كيف أكون حُرَّة في الأرض، وكيف أمضي بإيمان، وكيف بإمكاني أن أعرف بأن الله يعرفني،كما خلقني.


بابا، لا أريد أن أكون كحروف جامدة لا تقبل التصريف.


... 
هذه كانت رسائلي لأبي حين لمحتُه وهو يستعد لِلخلوة مع الله والناسُ نِيام. تركت الرسائل بداخل مصحفه، حتى يقرأ ما أشعر به، ويغرس فيني جزءاً من المعرفة: معرفة الله.

ظَلَلتُ انتظر حتى رُفِعَ صوت الأذان وأنا كالمغشي تحت الفِراش. انتظر مَجيئهُ إليَّ. 

لم يأتي إليَّ مباشرة،طلب من أمي النهوض والمجيء لغرفتي حتى تساعدني في فكِّ عقدة الرسائل. الأمر كان أشبه باختيار الطريق، أيَّهُما الأفضل. كان الأمر في غاية العُسر، كدتُ أفقد قيمتي إن لم أجد الحل.

لم تتلفظ أمي بِشيء سِواء:بِوضع قُبلة على رأسي،ومد يداها لاحتضاني. كان حضنها مشابهِاً لحضن أم لولدها المغترب.


عند دخول وقت الصلاة، استجمعتُ قوتي للصلاة، كالطفل الذي يُجمِّع ألعابه المتناثرة.


أغمضتُ عيناي،كما لو أن الخيال الذي يركُن بداخلي تحوّل لِحقيقة مُشاهدة.فأجِد نفسي عندها،وأن السَّماء زرعت أشجار الجنة على رأسِها،والأرض مَحت العدو الذي يُريد قتلي.


أردتُ أن أغوص وأنا أصلي، كما لو أنني اكتشف عمق البحر. أردتُ أن أحيا من جديد كُلما رفعت رأسي من على الأرض.

فَبين ركوعٍ وسجود وقيام، سمعت صوت أبي حين يقول: حافظوا على والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين.

أدركت معنى هذه الآية حين يُكرِرُها أبي في كل يوم وهو يمر بين الغرف لنسمعها ؛فنذهب للصلاة. 
….
لكن هنالك عدة نقاط لا أستطيع صَدَّهنَّ عني. نقاط خَفِية.
لا أعلم إن كان السبب في عدم معرفتي الكافية لله، أم ماذا؟..

….

هناك تعليق واحد:

  1. يااااه .. كلمات بليغة
    و عظيمة
    لا أجد وصفاً يُكافِئهاا

    أحسنتِ

    ردحذف