الخميس، 3 ديسمبر 2015

الأرض مستقر و متاعٌ إلى حين


تَنطوِي أيامنا كَطِي الجَرائد اليومية لا شَيء مُهِم .
 العالم يُعاني .. و الاقتصاد يَنزل .. و أُناس تَموت.. و مدن تُهجَر ، و ننسى أن نعيش رغم الظروف التي تَمرُّ بِنا، كَأننا نريد حياةً إيجابية سعيدة، لاحزن فيها ولا ألم.


نَتَذمَّرُ كثيراً و نستغفرُ قَليلاً
و نقول لأنفسنا أننا بائسون من هذه الحياة وَ كارهون لَها، لأن لا شيء يستدعي لِقوله أو لفعله
وَ كأننا نُفَّضل الحزن على الحياة الطَيِّبةِ من الله .

و لأننا نفتقدُ العبرة و التفكّر في ساعات يومنا، لا ننظر بِعين تأمل كيف الذين كانوا بيننا رحلوا من دُونِ ميعاد و لا تنبيه، فالعبرةُ هنا من بعد الرحيل   . كيف سنكون أقوى؟ كيف سَنَستعيد قُوانا؟ كيف سنتمالك أنفسنا؟

والأجوبة لهذه الأسئلة فِي رؤيتك للسماء رغم ما يحدث في الأرض، و لأن الأرض مستقر و متاع إلى حين، فانظر إلى السَّماء وَ تَشَبّع بِحب الله.
   فَلا تبتأس مِن حال دار الفناء بل تمتْع و اصنع و غيِّر و بادر و افشل و اكمِّل مشوارك ، لا تتعثر بل تخطى العثرات وَ عوائق الحَياة الكثيرة.

فَفي الأرض تَزرع وَ تثمر ما زرعت في الآخرة، و الحصاد يكون الفوز بِنعيمٍ دائم.

يا زَهرَة المدائِن

يا زهرة المدائن 


قد شُلَّ فؤادي و ضاق بالهواء صدري

 تصدعت هُوِيَّتي

 و ملَّ الشعبُ من أصوات البنادق في بداية النهارِ

و ملِلّنا من اجتماع الدول لإيجاد حلاَّ لبلادي 

سئمنا من إشعال القناديل بدلاً من نور الشمس


أصبحنا لا نبالي بحالنا و تشتتنا حتى يأتينا الموت الحقيقي  لأننا نموت في اليوم ألف مرّة و تتوقف قلوبنا مع كُلَّ طلقة حتى يفيق من جديد على صوت الأذان،
و هو بالكاد يُسمع فنطمئن من بعد الصلاة حتى نرى أثرها في قلوبنا و تنبت الزهور و تتفتح زهور المدائن،
 نحن نتعلم و نتخرج و بلادنا محتلة نبكي و نفرح و نمازح جارنا المسكين و بلادنا محتلة،
 نحن أحياء بأجسادٍ فقط! فأرواحنا أُخِذت مع الله،
 لا نيأس بمايحدث بداخلنا لأننا لازلنا نتحمل سكوت العرب على حال إخوانهم لا ننتظر المزيد إلا الحرية أو الموت إن كان لنا أن نموت،
لقد أصبح اللجوء لدول أخرى بالنسبة لنا هدفاً سميّا و يشغل تفكيرنا،
 حتى المرافىء و السكك و بقالة المدينة المفضلة لدينا قد دفنت من كثرة القصف،
 حزني يا من سيقرأ كلامي كبير لا يَصِفه الورق من الجرائد و الصحف و لا  الشِعر و لا الرسم ،
قليل من ألم بلادي نقلته، و قليل من المحن، حين قلتُ لك أننا نموت في اليوم ألف مرّة نعم نموت و نحيا في آنٍ واحد،
حين نتذكر بأننا مسلمين و ندعوا الله بأن يخفف علينا ،
 فلا نيأس لأنه يقول:" لا تقنطوا من رحمة الله"، قلوبنا أصبحت قوية رغم مصائبنا
 و رغم عدد الأموات من شهدائنا، فنحن نقول لا بأس فالله معنا حين تزيد المحنّة.

فنحنُ أصبحنا ندافع عن العدو و نتصدى بأنفسنا دفاعاً عن أهلنا و الوطن، نتقاسم الخطط الهجومية  لأجل تخويفهم،
ما يضحكني حين يخافوا من الحصى وهم يملكون دبابات مليئة بالبنادق حيث يستطيعوا تخليصنا من الحياة بلحظة و السبب؟ زراعة الله للخوف في قلوبهم بدل الإيمان و الطمأنية،
 فنحن نصلي بالقرب من المسجد رغم إحاطتهم لنا بالأسحلة فلا نخاف بل نصلي أكثر و نبكي أكثر و بعد هذا نحبُ الله أكثر حتى يصل الحب للسماء و ينزل الغيث و تموت النيران و تحيا زهور المدائن من بين ثقوب طلقات الرصاص،
و أقول لنفسي: الله قادر على إحياء الموتى فما بالي بهذه النبتة؟ 

أنَا طيرٌ جريح من بلاد العرب




               
               



             عَلمني، كيف أطير في وطنٍ محتل؟ كيف ستُحلِق جِناحيّ في السَّماء؟ كيف سأحصل على غذائي و رؤيتي أصبحت ضعيفة و تحجب عنّي مصدر عيشي؟ 



 أخبرني ما شعورك و أنتَ تصحو على سماء ملبدة بِدُخَّان الحرب بدلاً من الغُيوم أو حتى بِصفاؤها ؟ 



علمني،  كيف سأوصل الرسائل و نوافذ البيوت محطمة؟ و بشكل صريح لا وجود لبيوت باقية.



عَلمني، كيف سأنجو بأسرتي و في كل مكان تُشنّ النيران و السماء تغطّت بدُخان البنادق و المفجرات، و عن تلك الحروب التي تواجه أرضي في كل مرّة؟



أخبرني، عن قيمتي في بلادي المحتلة و المسلوبة منّي؟ 



أخبرني، عن ردّة فعلك و أنتَ تسمع عَمَّا يحدث في وطني؟ 



أخبرني، ما السبب وراء رغبتك للعيش بالخارج و أنتَ تمتلك وطن آمن؟ 



أخبرني، ماذا ستفعل إن كُنت تحَلِق في السماء و في الأسفل أطفال يبكون و يلعبون في نفس الوقت ؛ لكي ينسوا ما يدور حولهم ،وعن أمهات قد شابت رؤوسهن من كثرة القلق و التفكير، و عن آباء يحمون و يعملون؛ لِتأمين الحياة رغم الحروب؟ 



أخبرني، ما معنى أنك تعيش في وطنٍ آمن؟ و ما معنى ذلك في قلبك قبل معرفته في اللغة و الاصطلاح؟ 


أخبرني ، كيف يصبح الوطن ألم؟ و كيف تصبح رغبتك للجوء لدولة أخرى حُلم؟ و كيف تكون رغبتك للحرية غاية و هدفاً سميّاً؟ 


أخبرني، عن نهار يومك ماذا تفعل به؟ و عن مسائك؟ هل تستطيع تناول الوجبات الرئيسية ؟ هل تستطيع أن تصبر من دون تناول أحداهن؟ أو الاستغناء عن جميعهن؟ 


أخبرني أكثر عن النهار هل تستطيع رؤية السماء صافية؟ هل تستطيع أن تُطيّر طائرتك الورقية من دون هبوب العواصف الدُّخانية؟ 



أخبرني، إن كنت لا تعلم عن وفاة أحد أفراد عائلتك و أنتَ في وطنك؟ و عن عدم قدرتك بالدفاع عنهم؟ و عن احتلال أناس غريبين عن وطنك اللائي نُزعت الإنسانية من قلوبهم؟ 


فأنا طيْرٌ جريح من بلاد العرب.