الثلاثاء، 12 يناير 2016

الَّيْل..



حِين طلَّ الَّيْل في أول مرة. أول مشاهَدة. أوَل رُؤيةٍ لي لَه

حين أتى لِيسرق الصَبر مِنّي وَ عفى قَلبي مِن الأشوَاقِ

حين مَسح اسم مَدِينتي مِن على صدري كأن آلة الرحى تستعمَل لإنتاج عواصف رعديةٍ لا لِجَرْش الحبوب وطحنها

حين سلب منّي نفسي و تفكيري بها و جردها من الحُب و شرّدَ روحي كمثل شخصٍ لا يعرف من يكون و أي موطِنَهُ




وقفتُ مثلَ سكونٍ يعلو حرف الواو في كلمة: خوْف

تأملت قليلاً و سبَح فِكري في الأفقَ الأعلى سبح في السماء و بداخل العالم المشاهد- عالم الشهادة 
أدركتُ أن المساء ضَيِقٌ وأنا أكبر منهُ عُمرا

أدركتُ أني في الظلامِ أبدو قَلِقَةً كَطِفلٍ في أول يوم دراسيٍ له في الروضَةِ، فلا أمَ بجانبهِ ولا أخاً يقول لهُ: تعال لِنمرحَ قليلاً

وَصلتُ لِيَقينٍ تام لا اعتراضَ له ولا يثير شكَ العالمين لَه .


يقول ربَّنا الرحيم: ﴿ وَجعلنا الَّيْل والنهار آيَتيْنِ  ﴾ خَجَلتُ من تأفُفِي حين عَرِفتُ مَعناها ، فَأتاني عِلماً من السماءُ مُنزلاً من الله لي بِأن أركع وأسجِد لَه ليل نهار .الله أعلم حِين وصفهُ بِالسُبات. 


قال لي: " لاتحزني. فالَّيْل ليس بِبائس وحزينُ، إنَّ الَّيْل  جاء ليجعلكِ تفكّرِي بِذاتِكِ أكثرَ و لِيجعلكِ تَبْدِين أكثر إتزاناً و أكثر طلاقة بالتأمل في زينة النجوم و التَنوّع في: أحجامها ودرجةِ لَمَعانِها."


توقفتُ عن الحديث حين أتاني اليقين السماوي و انسَكَبَ نورهُ على صدري. أزاح معهُ شرود الفكر و العتابُ الَّيلي العقيم. 

تبدلتُ أنا من كوني بائسة في الظلام إلى قَمراً يضيء صبحاً ومساء.